الثلاثاء، 23 سبتمبر 2008

سورتا مريم و طه ~


عُدنا لنكمل من حيث توقفنا =)

في هذا الجزء ، نصاحب سورتي مريم وطه ..
ونتبحر فيهما ،



ومضة /
سورة مريم مكية ، وغرضها تقرير التوحيد ، وتنزيه الله جل وعلا عما لا يليق به ،
وتثبيت عقيدة الإِيمان بالبعث والجزاء،
ومحورُ هذه السورة يدور حول
( التوحيد والإِيمان بوجود الله ووحدانيته )
وبيان منهج المهتدين وبيان منهج الضالين .


فقد حوت سورة مريم لقصص بعض الأنبياء مبتدئةً



بقصة نبي الله " زكريا " وولده " يحيى " ، الذي وهبه على الكبر من امرأةٍ عاقر لا تلد !
- ولكنَّ الله قادرٌ على كل شيء -


ومن ثم عرضت قصة أعجب وأغرب ،
تلك هي قصة " مريم العذراء " ، وإِنجابها لطفلٍ من غير أب !
لذا سميت سورة مريم بهذا الإسم .



ثمّ قصة إبراهيم التي جسدت أجمل آداب الحوار بين الأب وابنه =")

ومن بعد قصة ابراهيم تتطرقت السورة لـ رسل الله
الكرام :
، إسحاق ، يعقوب ، موسى ، هارون ، إسماعيل ، إدريس ، نوح
ومن ثم تحدثت
عن بعض مشاهد القيامة، وعن أهوال ذلك اليوم الرهيب، حيث يجثو فيه الكفرة المجرمون
حول جهنم ليقذفوا فيها، ويكونوا وقوداً لها..
اللهم إنا نسألك الجنة !
##############


وقد قال تعالى في سورة مريم :

( وأنذرهم يوم الحسرة أذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون ) 39 مريم

الأنذار هو الأعلام بالمخوف على وجه الترهيب والأخبار بصفاته

وأحق ما ينذر به ويخوف به العباد يوم الحسرة حين يقضى الأمر فيجمع الاولون والأخرون في موقف واحد فيسألون عن أعمالهم فمن امن بالله وأتبع رسله سعد سعادة لا يشقى بعدها ومن لم يؤمن بالله ويتبع رسله شقي شقاوة لا سعادة بعدها وخسر نفسه وأهله وحين أذن يتحسر ويندم ندامة تتقطع منها القلوب وتنصدع منها الأفأدة وأي حسرة أعظم من فوات رضى الله وجنته وأستحقاق سخطه والنار على وجه لا يتمكن للرجوع ليستأنف عمله ولا سبيل له إلى تغير حاله بالعود إلى الدنيا ؟ !

هذه قدامهم والحال انهم في الدنيا في غفلة عن هذا الأمر العظيم لا يخطر بقلوبهم , ولا خطر فعلى سبيل الغفلة قد أعمتهم الغفلة وشملتهم السكرة فهم لا يؤمنون بالله ولا يتبعون رسله قد ألهتهم دنياهم وحالت بينهم وبين اللإيمان شهواتهم المنقضية الفانية في الدنيا وما فيها من أولها إلى أخرها ستذهب عن أهلها ويذهبون عنها وسيرث الله الأرض ومن عليها ويرجعهم غليه فيجازيهم بما عملو فيه وما خسروا فيها أو ربحوا فمن فعل خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذالك فلا يلومن غير نفسه ...

{ إنّا نحن نرثُ الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون }

"
فالدنيا وما فيها، من أولها إلى آخرها، ستذهب عن أهلها، ويذهبون عنها، وسيرث الله الأرض ومن عليها، ويرجعهم إليه، فيجازيهم بما عملوا فيها، وما خسروا فيها أو ربحوا، فمن فعل خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك، فلا يلومن إلا نفسه‏. "

كلّ الأموال التي نحرص عليها ، والأولاد الذين نتباهى بهم ، والصحّة التي
نفخر بها ..
كلها لله ومن الله وسـ تعود إلى الله سبحانه !

وهذه الآية تجعلني أشعر بأن الدنيا حقيرة .. زائلة ، ونحن نوليها من الإهتمام ما هو أكبر منها في الواقع !

فـ اللهم لاتجعل الدنيا أكبر همنا =/


نسأل الله أن يهدينا إلى افضل الأعمال وأحسنها وان يقربنا إليه وصلى الله على سيدنا محمد ..




>>>>>>> ثم ختمت سورة مريم بأعظم رحمة أنزلها الله ، إنها رحمة البشرية بكتابه العظيم الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم ،

قال تعالى :
{ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً }فالقرآن رحمة الله العظمى ونعمته الكبرى فقد كان إنزاله رحمة للبشرية !



__________________________________________________________



بعدما أبحار في سورة مريم اتجهت سفينتنا إلى سورة طـــه

في ثنايا سورة طه الكريمة تبرز بعض مشاهد القيامة، في عبارات يرتج
لها الكون،
وتهتز لها القلوب هَلعاً وجزعاً، ويعتري الناس الذهول والسكون


( وخشعتِ الأصواتُ للرحمنِ فلا تسمعُ إلا همساً )


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"
إن لله مئة رحمة أنزل لعبادة رحمة بها يتراحمون و يتعاطفون ،
ترفع حافرها عن ولدها حتى ان البهيمة
خشية ان تطأه أي من الرحمة المودعه في قلبها فإذا كان يوم
القيامة ضم هذه الرحمة الى تسع و تسعين رحمة فرحم بها العباد
"



{ فلا تسمعُ إلا همساً }


أي ، لاتسمع إلا صوتاً خفياً لا يكادُ يُسمع !

وقال ابن عباس : هو همس الأقدام في مشيها نحو المحشر .

**********************

وقد قال تعالى أيضاً في سورة طه :

{ إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النهى }

" أي‏:‏ لذوي العقول الرزينة، والأفكار المستقيمة على فضل الله وإحسانه، ورحمته، وسعة جوده، وتمام عنايته، وعلى أنه الرب المعبود، المالك المحمود، الذي لا يستحق العبادة سواه، ولا الحمد والمدح والثناء، إلا من امتن بهذه النعم، وعلى أنه على كل شيء قدير، فكما أحيا الأرض بعد موتها، إن ذلك لمحيي الموتى‏.‏ "

وهاهي دعوة رائعة للتدبّر والتفكر في آياتِ الله سواءً الحسيّة أو المعنوية !
فهذا الكون الجميل .. يستحق التأمل قي روعاته !
والتأمل كما هو معلوم من أعظم العبادات وأجلّها !
فسبحانه خلق كلّ شيء وأبدعه =")



ختاماً ~
نسأل الله العلي القدير أن يجنبنا الخطأ والزلل ، وما توفيقنا إلا بالله ، عليه توكلنا وإليه ننيب ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم ..


* تمّ بحمد الله .. تفسير الجزئين 16 وَ 15 =)

.. و بانتظار روائعكم يا أصدقاء !



ليست هناك تعليقات: